اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
كتاب الروض المربع الجزء الأول
91175 مشاهدة
ما يسن في الحمل

ويسن التربيع في حمله لما روى سعيد وابن ماجه عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: من اتبع جنازة فليحمل بجوانب السرير كلها, فإنه من السنة, ثم إن شاء فليتطوع, وإن شاء فليدع. إسناده ثقات إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، لكن كرهه الآجري وغيره، إذا ازدحموا عليها فيسن أن يحمله أربعة، والتربيع: أن يضع قائمة السرير اليسرى المقدمة على كتفه الأيمن، ثم ينتقل إلى المؤخرة, ثم يضع قائمته اليمنى المقدَّمة على كتفه اليسرى، ثم ينتقل إلى المؤخرة، ويُباح أن يحمل به كُلّ واحد على عاتقه بين العمودين؛ لأنه عليه السلام حمل جنازة سعد بن معاذ بين العمودين.


هذا إذا جعلنا هذا السرير له أربعة أعمدة: عمود أمامي من اليسار, وعمود خلفي من اليسار، وعمود أمامي من اليمين, وعمود خلفي من اليمين. فالتربيع: أن يبدأ بكتفه الأيمن, أن يحمل على كتفه الأيمن ولكن يبدأ بالمقدم، فمعلوم على أنه لا يحمل على كتفه الأيمن إلا جانب السرير الأيسر، ومعلوم أن مقدمة السرير أفضل فيبدأ بمقدمته فيحمل الجانب الأيسر، يضعه على كتفه الأيمن؛ يعني: كأنه يقول أريد أن أبدأ بيميني, أن أحمله بيميني، وأقدم جانبه المقدم، مقدمه الذي هي رأسه أفضل من مؤخره, فيحمل على كتفه الأيمن مقدمة السرير اليسرى، يحملها قليلا.
ثم بعد ذلك يأتي غيره, فإذا أتى غيره وحمل بدله جاء هنا وحمل الأيسر المؤخر, جعله أيضا على كتفه الأيمن؛ يعني: عموده اليسرى المؤخرة يجعلها على كتفه الأيمن قليلا، يكون قد حمل نصفه, ثم ينتقل إلى جانب السرير الأيمن فيبدأ بالمقدَّم فيحمله على كتفه اليسرى قليلا، ثم يتأخر إلى العمود اليمنى المؤخَّرة ليضعها أيضا على كتفه الأيسر؛ فكأنه حمل الميت كله، حمل هنا ربعه, ثم حمل الربع الثاني المؤخر, ثم حمل الربع الثالث المقدم, ثم حمل الربع الرابع في المؤخر؛ فيعتبر كأنه حمله كله.
والعادة: أنه يحمله أربعة يترابعونه كل واحد يحمل زاوية، ولكن قد يجوز أن يحمله اثنان أحدهما في المقدم يحمله بيده اليمنى هكذا, وبيده اليسرى هكذا, وعنقه ورأسه بين العمودين، وكذلك أيضا آخر بين العمودين المؤخرتين يحمله بيده اليمنى, وبيده اليسرى, يحمل العمودين، فيكون هذا جائزًا عند قلة الحاملين, يستقل به اثنان.
فالأصل: أنه لا بد من حَمْلِه، والعادة: أنه يُحمل على الأكتاف, يُوضع على الأكتاف، ولما كان كذلك كانت الكتف الأيمن أَوْلَى وكان مقدمة السرير أَوْلَى، فيحمل المقدمة على اليمين, ثم يحمل المؤخرة على اليمين، ثم المقدمة على اليسار -الكتف الأيسر- ثم المؤخرة على اليسار. ويجوز أن يحمل على جوانب السرير، إذا كثروا وكانوا كل منهم يحب أن يحمل فإن لهم أن يحملوا مع جوانب السرير؛ يعني: إذا كان للسرير مقدمتان فيحمل هنا واحد، وواحد، وواحد، وواحد -صف -وكذلك الجانب الآخر يحمل هنا وهنا وهنا؛ يعني يحملونه كصف من هنا ومن هنا، فيمكن أن يحمله أكثر من عشرين إذا ازدحموا وكانوا كل منهم يحب أن يشارك في حمله. فيجوز الحمل بين العمودين, ويجوز الحمل في جوانب السرير كلها.
الحديث الذي ذكر عن أبي عبيدة أبو عبيدة هذا هو أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود مات أبوه عبد الله بن مسعود وعمره نحو سبع سنين؛ فلأجل ذلك يقولون: أنه لم يَروِ عن أبيه، ولكن يظهر أنه أخذ أحاديث أبيه عن أهل البيت, عن أهل بيته, عن أمه مثلا, أو عن أخواته, أو عن تلامذة أبيه، فلذلك كثيرا ما يحدث عن أبيه, ويعتبرون أحاديثه عن أبيه يعتبرونها مقبولة نعم.
..بالنسبة بالبدأ بجانب السرير الأيسر.. بدأ بيمين الميت ثم بيمين..
الظاهر أنهما مقصودتان معا، يعني: يمين الميت إذا كان على ظهره كانت عن يسار السرير، ويمين الحي إذا كان متقدما كانت عن يسار السرير, فكلاهما مقصود. نعم.